افتتاحية العدد الأول من مجلة “أوكسجين”

بقلم رئيس حزب أحرار – الحزب الليبرالي السوري

بسام القوتلي

يختلف الفكر الليبرالي عن الإيديولوجيات الأخرى بأنه لا توجد جهة واحدة تحتكر الحقيقة. هذه الفكرة ليست مجرد شعار، بل هي حجر الزاوية في رؤيتنا لمستقبل سوريا. الليبرالية الحقيقية تنطلق من إيمان عميق بحرية الإنسان، وبحقه في التفكير، والاختلاف، والتعبير عن ذاته، دون وصاية من أحد، ودون أن تُملى عليه قوالب جاهزة لما يجب أن يعتقده أو يقوله أو كيف يعيش حياته.

من هنا، تنطلق مجلة “أوكسجين” لتكون كما يدل اسمها: مساحة للتنفس، وللتعبير، وللتحاور. هذه المجلة النصف شهرية، التي يضعها حزب أحرار – الحزب الليبرالي السوري – في متناول المهتمين، ليست منبراً حزبياً ولا ناطقاً باسم الحزب، بل هي فضاء مستقل يلتقي فيه المختلفون، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، من دون قيود أو خطوط حمراء تمس بجوهر حرية التعبير.

نحن نؤمن بأن التعددية لا تعني التشظي، وأن الحوار لا يُضعف، بل يُقوّي، وأن أفضل الأفكار لا تولد في غرف الترديد، بل في ساحات الجدل والنقاش بين المختلفين. ولذلك، فإن “أوكسجين” ليست مجرد مجلة، بل هي مشروع ثقافي وحضاري، يسعى إلى الإسهام في نهضة ثقافة الحوار في سوريا، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الإنصات لا الصراخ، وإلى الفهم لا الإلغاء.

نطمح من خلال هذه المجلة إلى خلق منبر يرحب بالجميع، دون تمييز على أساس الخلفية الاجتماعية، أو الانتماء السياسي، أو الهوية الثقافية أو الدينية أو الإثنية. هي دعوة مفتوحة لكل سوري وسورية يؤمن بأن الكلمة الحرة تصنع فرقاً، وأن النقاش الهادئ يمكن أن يكون بداية لتغيير عميق.

قد تختلف الآراء في “أوكسجين”، وقد تتضارب أحياناً، وهذا تماماً ما نريده: مساحة لا تخشى التناقض، بل تراه ضرورياً. فالتخلص من الإيديولوجيات الجامدة يتطلب منا الاطلاع على كل الأفكار، خاصة تلك التي تتحدى قناعاتنا، لأننا نعتقد أن الإنسان الذي ينفتح على الفكر المختلف يصبح أكثر قدرة على فهم العالم وعلى التفاعل الإيجابي معه.

نحن في حزب أحرار نؤمن أن دورنا، كجهة سياسية، لا ينبغي أن يكون فرض الرؤى، بل حماية الحق في التعددية والتعبير، ولذلك ندعم هذا المنبر دون أن نصادر محتواه، بل نتركه فضاءً حراً للكتّاب والمفكرين والناشطين من كافة الأطياف.

أهلاً بكم في “أوكسجين”، ومرحباً بكل قلم حر، وكل فكرة جريئة، وكل مساهمة تسعى إلى رفع مستوى الوعي والحوار.
نتمنى مشاركتكم بالمقالات، وبالنقاشات الحرة، المتقبّلة للآخر المختلف. لنصنع معاً هذا المتنفس الذي نحن بأمسّ الحاجة إليه.

مقالات مشابهة